كان الرئيس دونالد ترامب حكيماً في بقائه بعيداً عن الانتخابات البريطانية، وكان «حزب العمال» اليساري يأمل بشدة أن يقدّم ترامب ما يدعم مزاعمه الوهمية بأن رئيس الوزراء بوريس جونسون هو أحد تلامذة الرئيس الأميركي الحالي.
لكن في حين أنه يتعين على المسؤولين الأميركيين، من الحزبين، الابتعاد عن تأييد أو إدانة أي شخصية في السياسة البريطانية، فإن الجميع في الغرب لديهم مصلحة في انتخابات الثاني عشر من الشهر الجاري. فإذا عاد جونسون إلى «10 داونينج ستريت» (مقر رئاسة الوزراء في بريطانيا) بأغلبية كافية، فسيمكن للمملكة المتحدة في النهاية مغادرة الاتحاد الأوروبي بغض النظر عن أي اتفاقية تتوصل إليها المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي العام المقبل، بشروط منصفة لكلا الطرفين ونمو اقتصادي مواتٍ في جميع أنحاء العالم. وسيكون البيروقراطيون في بروكسل قد تلقوا درساً لن ينسوه بسهولة، ويمكن للدول الأعضاء المتبقية أن تتوقع رؤية تخفيفٍ للمبالغات السخيفة حول مخاطر الانشقاق عن الاتحاد من دول ترى في هروب بريطانيا سبيلا لتجديد الطاقة الوطنية ولنمو من نوع أفضل.
ولهذا السبب فإني أدعم جونسون و«حزب المحافظين» في الانتخابات الحالية. وباعتباري محباً للإنجليز طوال حياتي، وأنحدر من أولستر، فإنني أفضل أن تعيش المملكة المتحدة في سلام مع إيرلندا النابضة بالحياة، وهما تمثلان الحلفاء الأقوياء للحرية.
إن البحرية الأميركية مرتبطة ارتباطاً لا ينفصم بالبحرية الملكية، وكذلك الحال بالنسبة لارتباط قانوننا المشترك بقانون إنجلترا. ودولنا أبناء عمومة، وعلى الرغم من أن عصا القيادة في الغرب انتقلت إلينا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، فإن علاقاتنا قوية أيضاً بسبب القيم المشتركة. إنها ليست الجينات، بل التاريخ والالتزام بالحرية التي تجعل الصداقة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة دائمة وممتازة.
كل البلدان ترتكب أخطاءً، وانضمام المملكة المتحدة إلى ما كان في ذلك الوقت «التكتل الاقتصادي الأوروبي» في عام 1973 كان أحد تلك الأخطاء التي تحتاج عقوداً للرجوع عنها. وبمجرد تحرر بريطانيا من القيود القارية المتكلسة، سيمكنها أن تصبح في المحيط الأطلسي كما كانت سنغافورة في الماضي القريب في المحيط الهادئ: دولة جزرية تتمتع بالابتكار الاقتصادي والحرية السياسية التي تتطلع إليها جميع الدول في منطقتها. وبأي مقياس اقتصادي، خلقت الأسواق الحرة في سنغافورة مستوى معيشة لشعبها جعله موضع حسد من جميع الدول تقريباً.
وقد وضعت المملكة المتحدة، المثقلة بالتكاليف المأسوية للحربين العالميتين، الأولى والثانية، حيث كان ثباتها وتضحيتها عناصر أساسية لتحقيق النصر، خيارات سياسية رهيبة في شكل اشتراكية على قمة حطام الحربين. واتخذت خطوات قوية ومتقطعة للعودة إلى أعتاب القيادة الدولية، حيث قامت مارجريت تاتشر بإجراء المرحلة الأولى بينما تنتظر المرحلة الثانية الانطلاق.
إن العالم الحر يتطلب نمواً اقتصادياً واستعداداً عسكرياً. ورئيس الوزراء جونسون ملتزم بسياسة السوق الحرة وبالمحافظة على الجيش البريطاني وتوسيع نطاقه، لاسيما أسطوله المؤلف من أربع غواصات من طراز «فانجارد» والتي تمثل جزءاً مهماً من الردع النووي الغربي. وقد صوّت مجلس العموم في يوليو 2016 لاستبدال الغواصات الأربع الحالية. (وصوّت جيرمي كوربين لإنهاء برنامج تجديد الغواصات). ومن المتوقع أن تدخل الغواصات الأربع الجديدة من فئة «المدرعة البحرية» الخدمة في مطلع ثلاثينيات القرن الحالي وأن تستمر في القيام بدورياتها حتى ستينيات القرن نفسه. ويحتاج الغرب إلى هذه الغواصات إلى كل جزء آخر من الجيش البريطاني.
إذا كنت تريد نمواً اقتصادياً لبريطانيا والعالم، وكنت حريصاً على الأمن الدولي الذي يأتي من خلال تحالف مجهز بشكل جيد من الدول المحبة للحرية بقيادة الولايات المتحدة، فلديك تفضيل واحد واضح في الانتخابات البريطانية الحالية: التصويت لبوريس جونسون وحزب المحافظين.
ويذكر أن انتخابات بريطانيا ستحدد مصير خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، وكذلك مصير خامس أكبر اقتصاد في العالم، من خلال الاختيار بين حزب المحافظين الذي ينتهج سياسات داعمة للسوق بزعامة جونسون، وحزب العمال المعارض الذي يقوده الاشتراكيون.
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»